حياة الرسول محمد ﷺ قبل الإسلام
تمهيد
كثير منا لا يعلم عنك يا رسولي ولا عن حياتك قبل نزول الوحي عليك، لا يعلمون أن الله كان يحميك من الرذائل قبل أن تؤمر بالفضائل، كثير من لا يعلم أن الله جعلك على طريق ومنهج الإسلام قبل الإسلام.. نعم يا محبي الرسول ﷺ، لقد كان نبيكم هو الصادق الأمين، ما ركع لصنم قط مع أنه لم يؤمر بألا يفعل، وما غش الناس وما سرق منهم ولا خانهم فما كان له عدو في الجاهلية، وما شرب الخمر وما زنا مع أن ذلك ما كان منشورا بمكة قبل البعث.. يا ناس هو من استحق أن يكون رسولكم، ومثل كلمة الإنسانية لوحده، وبإعانة من الله..
حياة رسول الله محمد ﷺ
حرب الفجار
كان الله يهيئ رسوله جسديا ومعنويا للدعوة الإسلامية، وكان يدربه على كل ما يمكن أن يصادفه خلال دعوته، فاقتضت حكمته سبحانه أن يشارك النبي في معركة وهو لا زال ثغيرا، حتى يعيش جو المعارك، وحتى يعيش واحدة من معارك العرب التي قد تحدث في مستقبله.. ولذلك شاء الله أن يحدث قتال بين قريش وهوازن، وقعت هذه الحرب في الأشهر الحرم، وكان من عادة قريش ألا تنازع أحدا في الأشهر الحرم، حيث ورثت ذلك جيلا بعد جيل من النبي إبراهيم، رغم أنهم لم يكونوا على دينه، إلا أن ذلك ترسخ عندهم كعادة وكتقاليد.. بيد أنها كانت تدافع عن نفسها إذا ما هوجمت.. وقد شارك النبي ﷺ في هذه الحرب بشكل غير مباشر، فكان يمد أعمامه بالرماح حتى يصدوا بها العدو، كان الرسول ﷺ عندها صغيرا عمره حوالي خمسة عشر سنة، فكان الله يريد إعداده جسديا ونفسيا لأحداث الحرب.
حلف الفضول
في أحد الأيام العربية، قدم إلى مكة رجل يماني للتعامل مع تجارها، فتعامل مع وائل بن العاص، لكن هذا القرشي ظلمه وأخذ منه حقه، وبعدماةطلب الرجل اليماني حقه من وائل مرة بعد أخرى، وبعد إصرار وائل على أخذ حقه، صعد الرجل إلى قمة جبل أبي قبيس، وألف شعرا يشكو فيه أحزانه وألمه، بعدما ظلم في مكة.. علم بعض من أسياد قريش بذلك، رأوا عن يضعوا حلفا على ألا يظلم أحد بعد ذلك الحدث في مكة، وأن من ظلم يصير واجبا وفرضا عليهم أن يردوا له حقه.. اجتمعوا به في دار الندوة، وقاموا بالحلف، كان الرسول ﷺ حينها يتميز بصفتي الصدق والأمانة، كان الكل يحبه لقيمه الإنسانية، فما رأوا إلا أن يجعلوه عضوا في هذا الحلف، وبذلك استطاع الله تعال أن يزرع فيه كيفية التفاوض والاتفاق مع الناس، وإبرام المعاهدات، ذلك أنه سيصير قائدا يوما ما وسيكون عليه أن يتعلم كل هذا.. توجه رؤساء قريش إلى وائل وجعلوا عقابه أن يقتل إن لم يرد حق اليماني..
زواج الرسول محمد ﷺ من خديجة
كانت هناك امرأة من قريش ذات نسب ومال تدعى خديجة بنت خويلد، كثيرة المال، فكانت ترسل التجار بأموالها إلى بلدان أخرى.. وفي ذات يوم سألت فتاها ميسرة: "من أرسل بمالي؟"، فأشار عليها بمحمد بن عبد الله، الرجل الملقب بالصادق الأمين، فأرسلته إليه وقبل الرسول ﷺ العرض، على أن تجزيه على عمله، فسافر الرسول ﷺ وميسرة إلى الشام في قافلة.. كان ميسرة يلاحظ الأشياء والعلامات الغريبة التي تمشي مع الرسول ﷺ، الغمام يلاحقه إذا اشتد الحر، وسمع كلاما من راهب عند الاقتراب من الشام وبعدما جلس النبي ﷺ تحت شجرة، أن هذا الرجل يجلس تحت شجرة ما نزل تحتها إلا الأنبياء لحكمة من الله.. أكملا مسيرتهما وعادا بخير ومال وفير.. اتجه ميسرة إلى خديجة يخبرها بما رأى، فنشأت عظمة لمحمد في قلب خديجة..
بعدما سمعت خديجة بأخلاق النبي ﷺ وبما يحدث معه أحبته، وأحبت الزواج منه فأخبرته أن إني أرى الزواج منك، ذهب الرسول ﷺ إلى أعمامه لاستشارتهم، طبعا وافقوا فالسيدة من سيدات قريش، أسياد قريش يتمنونها، فرافقهم عمه حمزة لمكانته عند قومه ولكونه سيدا منهم إلى أبيها خويلد بن أسد، ودخل إليه يخطب خديجة لمحمد، فوافق أبوها مباشرة، فمن يرفض محمدا أطيب الناس وأصدقهم.. تراضوا واتفقوا على مهر بعشرين بكرة من الإبل، فأتاها النبي ﷺ بمهرها.. وليمة وزفاف..
عاش النبي ﷺ أفضل أيام حياته مع خديجة، أحبها وأحبته، وأنجبت له كل أبنائه غير إبراهيم، أنجبت من الذكور أبا القاسم، الطيب والطاهر، من الإناث ؤقية، زينب، أم كلثوم وفاطمة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق