جاري تحميل ... السلام - Assalam

آخر المواضيع

إعلان في أعلي التدوينة

عن قرمزي


ها قد أصبحنا وحدنا أخيرا.. أنا وأنت يا صديقي.. أخيرا انفردت بك.. الآن فقط صرت أملك عينيك في كل مرة تقرأ فيها حرفا من هاته الكلمات، من هاته الجمل، وفي كل مرة تنقر فيها على هاته الشاشة، صرت أملك عقلك في كل مرة تتساءل فيها عمن أنا؟ لا بد أنك تريد جوابا.. لن أخبرك الآن.. سأخبرك حين يكون الوقت مناسبا.. لذا تابع وستعلم..

إن الضوء خافت جدا في هاته الغرفة، يبدو أنك لا تستطيع رؤية تفاصيلها بدقة.. دعني أصفها لك، نحن نجلس على أريكتين جميلتين، لونهما أحمر يميل إلى البني، وتتوسطهما طاولة زجاجية، أنظر إلي، أنا على جانبك الأيسر.. أحسنت ها أنت تنظر إلي يا صديقي، ألا أبدو جميلا؟! إن الجدران التي تحيط بنا بها ستة صور، دعنا نصف كل واحدة بالدقة اللازمة، حتى تستطيع رؤية كل شيء في الغرفة بوضوح..

الصورة الأولى هي صورة للكعبة المشرفة، إنها صورة تضم باختصار شديد جميع القيم الإسلامية، إنها تذكرك بقصص الأنبياء الذين سبقوا الإسلام، وتذكرك بقصص الرسول وصحابته ومن تلاهم.. إنها صورة تبعث الحنان والطمأنينة والراحة إلى قلوبنا، أنظر إلى هذا النور الذي يخرج منها، تكاد تملأ غرفتنا بياضا.. إني كلما جلست قبالتها أنظر إليها وأحس بالفخر كوني واحدا من هذه الأمة، أنظر إلى مدى التعاون والاتحاد والتضامن والخير الموجود بين أفرادها.. ماذا؟ أنت أيضا؟

لننتقل للتحدث عن الصورة الثانية، إنها صورة لرجل يمسك يد بعض الفقراء، بشر مثلنا بيتهم الشارع، فراشهم الأرض وغطاؤهم السماء، وروتينهم الصوم غصبا عنهم، أحس قلب الرجل بالعطف عليهم، أحس بـ.. الإنسانية، هذا ما تدل عليه هذه الصورة، إني كلما نظرت إليها أحسست بأن قلبي يبكي.. أحس بأني إنسان، فتتبادر إلى ذهني كل القيم التي خلقنا للعيش بها، لنحقق بعض التوازن في هذا العالم القاسي.. لا تبكي الآن، انتظر حتى نكمل.. فأنت لا تزال ترغب في معرفتي.. فاصبر..

أما الصورة الثالثة.. ألا تراها؟ بديهي، لأنها خلفك.. إنها صورة لعلماء في مختبر، يقومون بتجارب كيميائية، إنها صورة تقودنا مباشرة للتفكير في العلم والتكنولوجيا وكل ما يتعلق بهما، إنها صورة تدل على الذكاء البشري، وتدل على مدى التطور الذي عرفه الإنسان، إن كل ما وصلنا إليه يجعلني أنبهر بالنظر إلى هاته الصورة.. فبالأمس كنا في كهف، والآن نحاول العيش في الفضاء.. كل ما يسعني قوله.. يا للروعة..

وبذلك نكون قد وصلنا إلى الصورة الرابعة، أعلم أن كل هذا الكلام الطويل يجعلك تشعر بالملل، لكن لا تقلق، قليل من الملل في البداية وسترى المتعة عندما تكتشفني.. الصورة لورقة بالية رسمت عليها بخط عربي قصيدة لا تبدو حروفها واضحة، لا تحاول قراءتها.. جربت ولم أنجح.. لكن ما هاته القصيدة إلى واحدة من مجموع القصائد العربية التي ليس لها مثيل، والتي جسدت فن الشعر وجعلته ذا قيمة.. وما فن الشعر إلا واحد من مجموع الفنون التي أبدع بها الإنسان على مدى التاريخ، فنون مثلت ثقافات بني آدم المختلفة أحسن تمثيل.. شخصيا فكرت كثيرا أن أبدع في إحدى هاته الفنون.. ألم تفعل؟

ثم وبالتأكيد، الصورة الخامسة، صورة الرجل.. أو دعنا نقول الشاب الذي يمارس الرياضة في حديقة، إن لهذه الصورة أمرا عجيبا، فهي تشوقني في كل مرة أنظر فيها إليها وتناديني لتقليد من فيها.. فكما يقول الكل، صحتنا هي الأهم، فما أجمل أن تجري وتلعب وتستمتع بصوت الريح الذي يهاجم أذنيك، والذي يجعل شعرك يرفرف دون أجنحة، بيد أنه سيمضي زمنك في يوم من الأيام وتتمنى أن تركض مرة واحدة بعد، لكن.. جلد متجعد، ألم المفاصل، التعب السريع، طاقة لا تكفي.. نصيحة مني، إن كنت طفلا أو شابا.. فاغتنم فرصتك، وإن كنت شيخا كبيرا فاتتك هذه الفرصة.. فانقل النصيحة إلى الشباب..

بهذه السرعة؟! وصلنا إلى الصورة السادسة؟! لقد قصدت أن نركض نحن لا أنت أيها الوقت.. يتضح عليها كوكب أخضر أزرق، لكن بالنظر عن كثب سترى أنه بدأ يتحول إلى كوكب أصفر، وكأن الحياة به بدأت تجمع أغراضها للرحيل.. إنه كوكبك وكوكبي، إنه المكان الوحيد الذي نستطيع العيش فيه من بين ملايين الكواكب، إنه يصرخ طالبا النجدة.. ألا تحس بالذنب كما أفعل؟ نعم لقد فرطنا في كوكبنا، لكن لم يفت الأوان بعد.. فلنلبي النداء وننقذه ما دام هناك أمل..

ماذا تنتظر؟ لقد أكملنا.. عذرا نسيت أن أعرفك بنفسي، بعد هذا كل هذا الحديث، وبعدما بذلت مجهودا في القراءة، لا يليق أن أتركك دون أن تعرف من كنت تقرأ كتابت.. في الحقيقة كل شيء يدل علي قد أعطيته لك، يكفي أن تجمع كل تلك الصور، وستعلم من أنا.. أنا صديقك قرمزي.. لكن لا تظن أن رحلتنا ستنتهي هنا، ولا تظن أن تلك الصور صور عادية، فإنما هي أبواب عجيبة سحرية، ستقودنا كل واحدة منها إلى عالمها، وفي كل مرة سنتعلم شيئا جديدا، لذلك وإن أعجبك ما سنقوم به، فلا تتردد في زيارة هاته الغرفة، وسأنطلق وإياك في رحلة المعرفة، نتعلم معا، نكتسب معا، نبهر معا، نتعجب معا، نناقش معا.. ماذا تنتظر؟ هيا.. واعلم أنه منذ لحظة كتابتي لآخر نقطة، سأبدأ بانتظارك..
عذرا مجددا.. نسيت أن أقول: زر قرمزي تلقى سلما.. وقل ربي زدني علما..

حفظك الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *